-->

عالم الموضة بين الماضي والحاضر

عالم الموضة بين الماضي والحاضر

قبل البدء في رحلتنا إلى الزمن الماضي ورؤية سرعة تغير الموضة والعوامل المؤثرة على هدا التغيير الكبير من زمن الخمسينات إلى غاية عصرنا الحالي، سنقدم تعريفا بسيطا جدا للموضة .
من الصعب إيجاد تعريف دقيق لهدا المجال اللامتناهي، فأصل كلمة موضة فرنسي ، وهي العلاقة الوطيدة بين الجسد واللباس، الموضة تعتمد تارة على الأصالة وتارة على التجديد وكسر قيود العادات والتقاليد.
وأصبحت من بين مؤشرات تطور المجتمع ، والإنسان صنع الملابس في بداية الزمان لأجل ستر جسده وأيضا لحمايته من تقلبات المناخ، فبدأت أول صناعة للملابس باستعمال جلد الحيوانات وفروها،وظيفة الملابس اقتصرت على هدا الجانب، ومع تطور البشرية تطورت أيضا الموضة وبدأ الاختلاف في اللباس يظهر من قبيلة لأخرى وعلامات الجمال أيضا بدأت تختلف من مجتمع إلى آخر، في القديم بدأ الناس بتزيين ملابسهم بالريش والعظام ، إلى أن تطورت وسائل التزيين ،فشملت المجوهرات والأنواع الفاخرة من الثوب سواء الطبيعية أو الصناعية.

تاريخ الموضة في الخمسينات 50s



انتهت الحرب العالمية، ودأت النساء في البحث عن السبيل لنسيان معانتهن النفسية جراء الحرب، وكانت أفضل وسيلة هي الإعتناء أكثر بمظهرهن، وهكدا أصبح شعار نساء الخمسينات إبراز الأنوثة أكثر من أي وقت مضى،وللقيام بدلك اثنين من منازل الأزياء الرائدة في الموضة ديور و شانيل تنافستا بشدة في هدا المجال،وكل منهما أطلقت تصاميم لفساتين تبرز أكثر الجسد ،قام كريستيان ديور بأول عرض أزياء في الخمسينات،كانت تلبس تصاميمه فقط نساء المجتمع الراقي الثريات ومما لا يمكن إنكاره أن هذا الرجل الذي كان يحلم بأن يكون مهندسا ثم رساما،يعود له الفضل في تشكيل موضة الخمسينات وكانت كل تصاميمه تفوح بالرومانسية والكلاسيكية والأناقة.
في دلك الوقت كان يعبر عن الموضة والترف من خلال نجوم السينما حيث ارتبط اسم أودري هيبورن بهيبار جيفنشي، وغرايس كيلي بكريستيان ديور، وربما هذا ما يجعل هاتين النجمتين، على اختلاف أسلوبهما، تجسيدا لأناقة الخمسينات. مثلا، لا يمكن ذكر اسم غريس كيلي من دون ذكر كريستيان ديور، حيث ظهرت في الكثير من تصاميمه في حياتها الخاصة وفي أفلامها، مثل «النافذة الخلفية» و«كيف تلقي القبض على لص؟» وغيرها من الأفلام الكلاسيكية. كان كل ما فيها يضج بأناقة راقية تتميز دائما بتنورة مستديرة وخصر مشدود يبرز نحوله، وكنزه بسيطة بياقة مستديرة تظهر جزءا من صدرها.تصاميم كريستيان ديور «دي نيولوك » سرعان ما انتشرت في أوروبا والعالم وكان له الفضل في أحداث تغيير في عالم الموضة بالإضافة لعدة أسماء من بينهم شانيل، جاك فاث، بالنسياجا، بيير بالمان، جيفنشي وغيرهم.



تاريخ الموضة في الستينيات 60


أما عن الستينيات فيمكن تسميتها عصر ثورة الموضة حيث عرفت هده الأخيرة تغييرا ملحوظا بل جدريا ، فأشهر المصممين من أمثال اندي وارهول، بريجيت باردو، جاكي كينيدي، أندريه كوريج، قاموا بتحديث تصاميم الخمسينيات وجعلوا البعض منها أكثر إغراء، والبعض الآخر أكثر تشبيها لملابس الرجال.
هذا هو عصر التجديد وعصر الجرأة. وتحرير الجسد الأنثوي، تحت إبداع دفعة من المصممين الذين أصبحوا أسطوريين تجرؤوا على تحرير أنفسهم من المدونات البرجوازية لاستكشاف الأنوثة ، وانفجرت جميع المعايير التي كانت تحطمهم في الماضي.
من بين أول التغييرات التي شهدتها الموضة في هدا العقد من الزمن، ارتداء النساء للبناطيل حيث كانت حكرا فقط على الرجال.
وبعدها بقليل وبالضبط في سنة 1964 قامت ماري كوانت بتصميم أول تنوره قصيرة، كانت دلالة ودعوة لتحرر المرأة سوف تصاحب المرأة في ثورتها؛ من أجل الحياة الجنسية المفترضة، والأمومة الخاضعة للرقابة، والمطالبة بالمساواة، ورفض القيم البرجوازية،فشرعت كل النساء بارتدائها وتخلو تماما عن ارتداء التنورة الطويلة
وامتازت الستينات أيضا بظهور ألوان مشرقة أكثر ونظارات شمسية كبيرة قبعات مستديرة كلاسيكية بناطيل قصيرة تحت الركب وفي منتصف الفخذ

أما أزياء الشتاء فلم تقل أنوثة وفخامة عن أزياء الصيف، وتربعت الفساتين القصيرة بخامات الصوف والمخملي على عرش الأناقة،والجواكيت الشتوية المزينة بالفرو، التي لا تكتمل أناقتها بدون الأحذية ذات الكعب العالي، والمزينة بالفرو أيضًا.


كانت النساء الثريات في الماضي فقط من يرتدين الماركات أما في الستينات أصبحت الملابس أكثر شعبية، تقترب أكثر من المرأة البسيطة فأصبح باستطاعة الجميع ارتداء ملابس راقية وهذا بحد ذاته تغيير مهم.

ولا يمكننا ختم هدا العقد المليء بالابتكارات دون التحدث عن أول إصدار لحمالات الصدر التي قامت بها العلامة التجارية ووندربرا التي أطلقتها سنة 1967 تحت إشراف العلامة التجارية غوسارد ، تم تسويق المنتج وعرف أرباحا طائلة.

تاريخ الموضة في السبعينات  

انه عقد الحرية ووقوف النساء وقفة واحدة من أجل تحقيق مطالبهن وجاءت السبعينيات ممهدة بل ومحققة لأهدافهن من بينها تحرير المرأة من العادات والتهميش ومطالبتها بحق التعليم والعمل وفي الدول الغربية بدأن بحملات سلمية لتأييد عمليات الإجهاض والحرية الجنسية وحرية تسيير النساء لأنفسهن ، الجسد الأنثوي أصبح ملكا للمرأة وحرر نفسه من نظرة الإنسان. وفي مطلع عام 1970، عقدت الحركة النسائية لتحرير المرأة أول اجتماع لها في جامعة فينسنس.

ما لا تعرفه عن الهيبيز 

حين كنت تبحث في ألبوم العائلة، من الأكيد أنك شاهدت صورا لأبيك أو أحد أفراء العائلة يرتدون البناطيل الضيقة من الأعلى و الواسعة من جهة القدمين أغلبهم لا يعرف قصة الهيبي للأسف فكما هو معروف عن العرب يجيدون كثيرا تقليد المظاهر دون البحث عن المضمون,أول مرة ظهرت هذه الثقافة في أمريكا وبالضبط في الستينات بمنطقة (بي) بسان فرانسيسكو ،وهدفها  هو الدفاع عن مبدأ الحب الحر و تجاوز المتحفظات الجنسية و الإحتشام، وإبعاد شريكتك ( أي زوجتك للجميع ) ، بقيت هذه الجماعات نشطت في داخل أحياء أمريكا حتى بدايات السبعينات حيث إستغلو الإضطراب السياسي بسبب حرب الفيتنام وإنتشار الغاز المسيل لدموع وشرطة مكافحة الشغب والحرس الوطني وتدهور الأمن في كل أمريكا ، ثم قامو بثورة في إحدا الشوارع العامة وقامو بتبادل القبل أمام الجميع و الإفتخار بمن هم مثليو الجنس ، حيث وبعد هذه الثورة شوهدت نساء تتجولن بدون أي لباس ، عاريات تماما ، كانت أمريكا هنا تعرف إنحراف أخلاقي شديد  ، ومنذ هذا الحدث الذي حظي بتغطية إعلامية قوية جدا أدت إلى إنتشار الخبر في كل أنحاء الكرة الأرضية،وانتشار أيضا ملابسهم بشكل واسع عالميا وحتى قصات الشعر.

ارتداء النساء للجينز 

في السبعينات أصبح الجينز للجنسين صار من حق حتى المرأة ارتداؤه ويعتبر اللباس الذهبي لجيل لهدا الجيل وظهرت أيضا في دلك العقد سراويل جينز ممزقة وجد ضيقة من الوسط إلى حدود الركب وواسعة من الركبة إلى أسفل القدمين كما هو مبين في الصورة

التنورة الطويلة  بعد أول صنع لها في الستينات مصممو السبعينات ابدعو جدا في تجديدها وإخراج أشكال جديدة مع طباعة الورود بألوانها الزاهية وبعضها بالطرز وكانت تلبس مع عصابات رأس وأوشحة للشعر
ومن أشكال الموضة في دلك العقد ظهور فساتين بألوان الذهب والفضة وفساتين مطرزة غالبا كانوا يلبسون في الديسكو 

وظهرت أيضا ظاهرة ارتداء النساء للسترات الرجالية كالسترات الجلدية وسترات الجينز


الموضة في عصرنا الحالي : 

أما الموضة في أما الموضة في عصرنا الحالي فقط عرفت تغيير شديد حيث أصبحت مزيجا بين مختلف الثقافات، لوسائل الإعلام الحديثة كالانترنيت و التلفاز وحتى صالات العرض الفضل الكبير لهدا التنوع الثقافي ولم يعد الفن أو الموضة مرتبطا ببلد معين

حتى أن المصممين يركزون على مزج الأفكار للحصول على قطعة تروق لجميع الأذواق
في الأسفل بعض التصاميم الحديثة لسنة 2017



تاريخ بداية اشهر الماركات العالمية :

شانيل : 


شانيل شركة فرنسية مختصة في تصميم الأزياء الراقية هوت كوتير والعطور الفخمة ومستحضرات التجميل بأنواعها بالإضافة للاكسيسوارات.
شعار شانيل هو حرف C متشابك ومزدوج. 
في بداية شانيل قامت غابرييل شانيل وهي مؤسسة الشركة، بربط علاقة مع ارثر بوي  ،وهدا الأخير ساعدها جدا ماديا، واشترى لها بيتا كان مخصصا فقط للقاء النخبة الباريسية مع عشيقاتهم، مما ساعدها كثيرا في تطوير مبيعاتها ، كل تصاميم شانيل كانت بسيطة بعيدة عن التعقيدات وكثرة الحلي التي كانت تلبسه نساء داك العقد، كان للحرب العالمية التأثير الكبير على الموضة حيث خرجت النساء للعمل في المصانع وكن بحاجة لملابس تساعدهن على تحمل العمل الشاق بدل الفساتين الطويلة والثقيلة التي كانوا يرتدونها حينها. فتحت كوكو متجراً آخر في شارع كامبون أمام فندق ريتز باري ،حيث باعت بليزرات كتانية وتنانير مستقيمة، وقدمت فكرة ياقات البحارة، والسترات الصوفية الطويلة مستذكرةً الوضع المالي الهش في السنوات الأولى من حياتها المهنية؛ حيث كانت شانيل تشتري الجيرسي في المقام الأول لانخفاض تكلفته. وكانت تصاميمها بسيطة وعملية، وغالبًا ما كانت مستوحاة من ملابس الرجال، وخاصة الزي السائد عند الحرب العالمية الأولى التي اندلعت في عام 1945

اشتهرت في جميع أنحاء فرنسا ببساطة تصاميمها في السنوات 1915و1917 ،وفي الحرب العالمية الثانية تقاعدت شانيل ،وانتقلت إلى فندق ريترز باريس مع عشيقها الجديد الضابط النازي  هانز غونتر فون دينكلاج.
وقال كاتب سيرة داتية لشانيل أنه في الماضي انتشرت شائعة بأن كوكو شانيل كانت على علاقة طيبة مع الألمان، ودلك كجزء من مهمة وينستون تشيرشل بأن المخابرات أرسلتها لزيارة سلام سرية ، وبعدها أعتقلت كوكو شانيل على الفور بعد تحرير فرنسا ووجهت إليها تهمة التعاون مع الألمان، لكن تشرشل تدخّل نيابةً عنها وطلب إطلاق سراحها وهكذا تمكنت من السفر إلى سويسرا. عادت شانيل بعد الحرب العالمية لتجد أن مصمم الأزياء كريستيان ديور يتربع على عرش النجاح ،ويسيطر على كل عروض الأزياء الراقية ، لكنها لم تقف مكتوفة الأيدي فقامت بالتعاون مع بيير ليقدم لها المشورة التجارية في النهاية حصلت على جميع الحقوق لكل منتجاتها مع ختم اسم شانيل ،كانت ثمرة إعادة التعاون أن شانيل أصبحت أعلى علامة في الأزياء مرة أخرى، كانت غابرييل شانيل لا تزال تصمم إلى أن توفيت سنة 1970 بعمر يناهز 87

وكل النجاحات التي بدأتها غابرييل شانيل لا زالت مستمرة إلى عصرنا هدا ولا زالت هده الماركة تحافظ في تصاميمها على طابعها الراقي والبسيط.

ديور: 

تأسست شركة ديور في شارع خاص للمنازل الراقية بباريس سنة 1946 وقام مارسيل بوساك رجل الأعمال الثري بدعم ديور ماديا ، في السنة الموالية 1947 قام كريستيان ديور بإطلاق المجموعة الأولى لربيع نفس السنة وأطلق عليها اسم تصاميم دي ني ولوك ،وأصبحت هده المجموعة الأكثر شهرة عالميا ، أصبحت الشخصيات المشهورة من أوروبا و أمريكا خصوصا فناني هوليود المشهورون من أكثر عملاء لهده الشركة وبهذا استعادت باريس عاصمة الموضة، في العالم مكانتها بعد الحرب العالمية الثانية ويرجع الفضل لكريستيان ديور في هدا النجاح، حيث يعتبر كريستيان ديور من أكثر الشخصيات عبقرية وإبداعا في مجال تصميم الأزياء وله الفضل أيضا بهذا النجاح الذي لازالت ديور تحصده حتى بعد وفاته 



نايك: 

ولنبتعد عن اللباس الكلاسيكي ولنتكلم قليلا عن بداية شركة نايك المعروفة بإنتاج الملابس والأحدية والحقائب الرياضية

أنشأت نايك أو نايكي على يد بيل باورمان و فيليب نايت سنة 1964 ، وتعتبر علامة 
نايك الرياضية من العلامات الأغلى عالميا 




وقبل أن نختم هده الرحلة الشيقة ،صرنا نلاحظ أن الإعتناء بالمظهر الخارجي أصبح من الضروريات ، حتى أنه أصبح هوسا عند البعض، يحول دون تمييزهم بين الأناقة والاسراف المبالغ فيه، وأحيانا هناك من يشتري قطعة غالية الثمن من أجل حب الظهور وبحجة أن ارتداء الماركات العالمية والغالية ،يزيد من الثقة بالنفس ،حتى لو فاقت قدراتهم الشرائية .
من الجيد الإعتناء بالمظهر لكن دون نسيان الجوهر.
والموفق هو من وفقه الله ليكون حسن الخلق والخليقة .

TAG

عن الكاتب :

No comments

Post a Comment

Name

Email *

Message *